الضفادع

لطالما استهوتني الضفادع بخلقها المختلف عن غيرها من الحيوانات و التي حباها الله سبحانه و تعالى بها .. و نظرا لأني حُرمت من أن يكون لي ريف أو كما يقال بالعامية عندنا .. راح (البلد) و رجع (البلد) ، فقد كانت فرصتي الوحيدة للتعرف عن الضفادع عن قرب عند أحد أخوالي الذي يمتلك أرضا بالقرب من أراض زراعية.

في بادئ الأمر يجب أن نبين أن نبينا الكريم صلى الله عليه و سلم نهى عن قتل الضفدع لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه و أورده ابن ماجه رحمه الله و صححه الشيخ الألباني عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه نهى عن قتل الصرد و الضفدع و النملة و الهدهد (و لا يخفى علينا جميعا أهمية هذه الكائنات لنا) .. و كذا نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن قتل الضفدع للدواء لما روي عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي رضي الله عنه و أورده الشيخ الألباني في صحيح الجامع و في رواية أبو داود أن طبيباً سأل النبي صلى اللّه عليه وسلم عن ضِفدع يجعلها في دواء ، فنهاه النبي صلى اللّه عليه وسلم عن قتلها.

و قد أفتى علماؤنا الأجلاء بأن النهي عن قتلها يستلزم منع أكلها. 1 2 3

و يأتي تفرد الضفادع و اختلافها في نقاط كثيرة تتشابه فيها مع غيرها و تختلف في أخرى.

- يتميز الضفدع بنعومه جلده الرطب دائماً و بانعدام الذنب و العينان يحمي كل منهما حاجبان : الأعلى قصير و ثابت و الأسفل شفاف يستطيع أن يغطى كل القرنية و المنخران يقعان على نتوء الرأس مما يتيح للضفدع تنفس الهواء حين يكون مغموراً تماماً بالماء.

- الضفادع من البرمائيات أي أنها تحيا في البر و في الماء في أطوار حياتها المختلفة.

- الضفادع من الحيوانات ذات الدم البارد فهي تختفي في الشتاء حيث تسبُت (من السبات) لحين تحسن درجة الحرارة فهي تتأثر كثيرًا بدرجة حرارة البيئة أو الوسط الخارجي الذي يحيط بها.

- لها يدان قصيرتان ورجلان طويلتان تستعملهما للقفز في حركتها الاعتيادية.

- لسان الضفادع معلق على مقدمة الفم و يمكن قذفه بسرعة إلى الخارج للقبض على الفرائس الصغيرة .

- تصدر الضفادع صوت مميز نسمعه في المجاري المائية و الترع و يسمى صوت الضفدع (نقيق).

- تتغذى على الحشرات والكائنات الحية الدقيقة والصغيرة التي تصادفها في محيطها، و تلتهم غذاء يفوق احتياجاتها، الأمر الذي يتيح لها اختزان المقادير الزائدة منه على هيئة أجسام دهنية بداخل جوفها، وتكون هذه الدهون من الكثرة والوفرة بحيث تكفيها في أواخر فصل نشاطها. وبحلول فصل الشتاء؛ حيث تنخفض درجة حرارة الجو المحيط، و تحفر لأنفسها حفرًا عميقة في وحل المجاري المائية، أو تخلد إلى السكون في الأماكن الرطبة الهادئة، وتعلن إمساكها عن الطعام والشراب طيلة فصل الشتاء، معتمدة على مقدار الدهن الذي اختزنته في أجوافها أثناء فترات النشاط.

- تبيض الضفدعة من 1000 إلى 9000 بيضة بحسب الجنس و ربما أكثر من ذلك و أنواعها كثيرة تصل إلى 4000 نوع منها ما هو سام.

- و هناك من العجائب ما يروي عن تكاثر الضادع . و روى بعضا منه الداعية "هارون يحيي" في مقاله (معجزة التكاثر عند الضفادع) و مما جاء فيه:

أن بعض أنواع هذه الضفادع تبتلع بيضها بعد الإخصاب، ولكن ليس لتأكلها بل لتحميها. تفقس في المعدة وتبقى هناك لمدة ستة أسابيع بعد الفقس. ولكن كيف تبقى هناك دون أن تهضم ؟ أي : إن المعدة تبقى مخصصة طول هذه الفترة للشراغيف فقط (يقصد بالشراغيف الضفادع الصغيرة الخارجة من البيضة) ولكن هناك خطر آخر يتهددها : إنه حمض الهيدروكلوريك والببسين، هاتان المادتان كافيتان لقتل الصغار، ولكن هذا لا يحدث، لأن الأمور محسوبة وضمن معايير خاصة. فالسوائل الموجودة في معدة الأم تتم محايدتها عن طريق مادة أخرى تشبه الهرمون وتدعى بروستاغلاندين تفرزها كبسولات البيوض من جهة والشراغيف من جهة أخرى. وهكذا ينمو الصغار بصحة جيدة على الرغم من أنها تسبح في بركة حمضية.
السؤال الذي يطرح نفسه هو : كيف تتغذى الشراغيف في معدة فارغة ؟ هذه أيضاً مسألة محلولة. إن بيوض هذه الأنواع أكبر من غيرها بشكل ملحوظ، لأنها تحتوي على صفار غني بالبروتين، يكفي لتغذية الصغار لمدة ستة أسابيع.

والآن حان وقت الولادة، يتمدد المرئ خلال الوضع تماماً كما يتمدد الرحم عند الثديات وعندما تخرج الصغار يعود كل من المرئ والمعدة إلى الحالة الطبيعية وتبدأ الأنثى بتناول طعامها.
ينسف نظام التكاثر لدى هذا النوع من الضفادع المزاعم التطورية من أساسها، لأنه نظام معقد ومترابط. كل خطوة من هذه العملية مرتبط بعناية لتضمن حياة هذا الشرغوف. يجب أن تبتلع الأم البيوض أولاً وأن تتوقف عن تناول الطعام لمدة ستة أسابيع، بينما يتحتم على البيوض أن تفرز مادة هرمونية لتعدل الوسط الحامضي للمعدة. أما البروتين الإضافي الذي يقدمه صفار البيضة فهو ضرورة أخرى. لا يمكن أن يتوسع مرئ الأنثى عن طريق المصادفة لتضع صغارها. إن أي خلل مهما كان صغيراً في هذه السلسلة من الأحداث كفيل بإهلاك الصغير واستمرار هذا الخلل يعني انقراض النوع.

--------------------------------
فسبحان الله أيها الأخوة ..
{هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}
--------------------------------

أما عن أشهر ما علق بذهني و يرتبط بالضفدع (و إن كان ليس طرفا رئيسيا في القصة) فهي الرواية التي أوردها ابن قدامة في كتاب التوابين عن يوسف بن الحسين ، قال:

كنت مع " ذي النون المصري " على شاطئ غدير ، فنظرت إلى عقرب عظيمة على شط الغدير واقفة ، فإذا بضفدع قد خرجت من الغدير ، فركبتها العقرب فجعلت الضفدع تسبح حتى عبرت الغدير .

قال ذو النون : إن لهذه العقرب لشأناً، فامض بنا نتبعُها .

فجعلنا نتبع أثرها ، فإذا رجل نائم سكران ..!! وإذا حية سامة قد جاءت فصعدت من ناحية سرته إلى صدره وهي تطلب أذنه ، فتمكنت العقرب من الحية السامة فضربتها ، فانقلبت الحية وهربت!! ورجعت العقرب إلى الغدير ، فجاءت الضفدع فركبتها فعبرت .فحرّك ذو النون الرجل النائم ففتح عينيه

فقال : يا فتى ، انظر مما نجّـاك الله !! هذه العقرب أرسلها الله إليك ، فقتلت هذه الحية التي أرادتك بسوء !!

ثم أنشد ذو النون يقول: يا غافلا ً والجليل يحرسهُ من كل سوء يدب في الظلمِ كيف تنام العيون عن ملكٍ تأتيـه منـه فـوائـد النعمِ

فنهض الشاب وقال : " إلهي ومولاي : هذا فعلك بمن عصاك !! فكيف رفقك ورحمتك بمن يطيعك ..؟!! "

ثم ولى ذاهبا ً ، فقلت : إلى أين ؟؟

فقال : إلى بيوت الله وإلى طاعة الله !! .

أأمل أن أكون نقلت إليكم جانبا دينيا و علميا مفيدا عن الضفادع.

و جزاكم الله خيرا للمتابعة.